الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

المدونات و التعلم الإلكتروني

الملخص

تمثل نظم إدارة التعلم (Learning Management systems) الجهاز المركزي المستخدم بواسطة معظم مؤسسات التعليم العالي لدعم العملية التعليمية. ويتناقض أداء هذه الأنظمة مع تزايد المطالبة باللامركزية في أوساط التعليم العالي والحاثة على استخدام الأدوات والخدمات المفتوحة التي تساهم بصورة متزايدة في تعزيز مجموعة واسعة من الأنشطة والممارسات التعليمية خارج الحدود المؤسسية.
وفي السنوات الخمس الماضية، برزت مجموعة من التقنيات المصنفة تحت مظلة تطبيقات الجيل الثاني من الويب، مثل المدونات والويكي وأنظمة إدارة المحتوي الشخصي وغيرها، كبدائل لأنظمة إدارة التعلم. وفي هذه الورقة سنتناول تقنية المدونات كأنظمة بديلة أو مساندة لأنظمة إدارة التعلم مع بيان خصائص ومميزات كل نظام واستخدامهما في التعليم. كما سنحاول في هذه الورقة تشكيل إطار عام للمقارنة بين النظامين وتقييمهما من واقع تجربة عملية، وأخيراً نختتم الورقة بذكر بعضاً من التوصيات في هذا المجال.  

 مقدمة
أدى ظهور ما يسمى بالجيل الثاني من التعلم الإلكتروني (E-Learning 2.0) والذي يهتم بتوظيف البرامج الاجتماعية مثل المدونات (Blogs) والويكي (Wikis) وغيرها في العملية التعليمية، إلى تغير مفهوم التعلم الإلكتروني وطرق عرضه والتفاعل معه ليشمل جوانب أكثر تفاعلية وإنتاجية وشخصية أيضاً.

ومع انتشار المدونات (weblogs) كأحد التطبيقات البارزة في الجيل الثاني من الويب (Web 2.0)، قام المعلمون والمهتمون في السلك الأكاديمي بتسخير هذه التقنية لخدمة مقرراتهم الدراسية وللتواصل مع طلبتهم، وذلك لانفتاحية هذه التقنية وسهولة استخدامها. فمن جهة تعتبر المدونات نوع من أنواع نظم إدارة المحتوى ( Learning Content Management System) (LCMS) والتي يمكن توظيفها لنشر محتوى المقرر الدراسي والنقاش مع الطلبة، ومن جهة أخرى تعتبر المدونات تقنيات سهلة التركيب والاستخدام بحيث يمكن لأي شخص غير ملم ببرمجة وتصميم مواقع الإنترنت  بناء مدونة له في غضون دقائق بفضل وجود مواقع تقدم خدمة استضافة  وبناء المدونات مجاناً.

في المقابل، لازالت بعضاً من المؤسسات التعليمية والأكاديمية حول العالم تعتمد على نظم إدارة التعلم Learning Management systems (LMS) لنشر مقرراتها الدراسية. ومثل هذه الأنظمة توفر عادة بعض التسهيلات لتقديم المقررات إلكترونياً، بحيث يضع المدرس المواد التعليمية من محاضرات وامتحانات ومصادر في موقع النظام. كما أن هناك غرفاً للنقاش و حافظة لأعمال الطلبة (ePortfolios) و غيرها من الخدمات الإلكترونية المدعمة للمادة الدراسية.

وفي عصر المعلوماتية والوصول الحر للمعلومة، برزت فئة من المنتسبين للمجال التعليمي تطالب بالتحرر من قيود نظم إدارة التعلم الإلكتروني وانغلاقها، واستبدالها بأنظمة أكثر انفتاحاً مواكبة للتغيرات المتسارعة في تقنيات الويب،  فقد ذكر (Hotrum, 2005) و(Dalsgaard, 2006)،  أن أنظمة إدارة التعلم لا تدعم بالضرورة التوجه البنائي الاجتماعي في التعلم  (social constructivist approach) الذي يؤكد على التعلم الذاتي وينظم أنشطة الطلاب.
هذا الاتجاه الجديد في توظيف تقنيات الويب في العملية التعليمية،  يمنح الطالب فرصة كبيرة للتعاون والتشارك مع أقرانه في نشاطات معرفية واجتماعية مختلفة وأيضاً بناء مجتمعات تعلمية وشبكات للتعلم الفردي تحقق أهداف التعليم.

والسؤال المطروح في هذه الورقة هو: ما أوجه الاختلاف والشبه بين أنظمة إدارة التعلم والمدونات كبدائل تستخدم في العملية التعليمية؟ وهل تعتبر المدونات بديلاً أفضل من نظم إدارة التعلم أو العكس صحيح؟ من هذا المنطلق، ستتناول الورقة في أجزائها الأربع ما يلي: نبذة عن الجيل الثاني من التعلم الإلكتروني. يليه تعريف بالمدونات ونظم إدارة التعلم واستخداماتهم في التعليم. ثم مقارنة بين أحد أنظمة التعلم الإلكتروني (جسور) والمدونات كبيئات تستخدم في نشر المقررات الدراسية والتواصل مع الطلبة. هذه المقارنة مستخلصة من واقع تجربة عملية في استخدام البيئتين لمدة ثلاثة فصول دراسية في قسم تقنية المعلومات للطالبات بجامعة الملك سعود. وأخيراً تختم الورقة بطرح بعضاً من الدروس المستفادة من التجربتين وعدداً من التوصيات.  

الجيل الثاني من التعلم الإلكتروني
يعرف التعلم الإلكتروني على أنه ” طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة كالحاسب و الشبكات و الوسائط المتعددة و بوابات الإنترنت من أجل إيصال المعلومات للمتعلمين و بصورة تمكن من إدارة العملية التعليمية و ضبطها و قياس و تقييم أداء المتعلمين. “[1]
ومع تطور شبكة الإنترنت وزيادة سرعتها تغير مفهوم التعلم الإلكتروني وطرق عرضه والتفاعل معه لتشمل جوانب أكثر تفاعلية، مما أدى إلى ظهور ما يسمى بالجيل الثاني من التعلم الإلكتروني (E-Learning 2.0). هذا النوع يهتم بتوظيف البرامج الاجتماعية مثل المدونات (Blogs) والويكي (Wikis) وغيرها في العملية التعليمية. وقد عرف المجلس القومي المصري للتعليم الالكتروني الجيل الثاني من التعلم الإلكتروني على أنه:
 "يهتم بدعم الجانب الاجتماعي للعملية التعليمية تعويضا للانفصال المكاني بين المعلم والمتعلمين وذلك من خلال استخدام البرمجيات الاجتماعية (البرمجيات التي تعزز الشراكة والتواصل بين المتعلمين) مثل المدونات والويكي وتشكيل مجتمعات من المتعلمين والبث الصوتي وبث الفيديو والشبكات الاجتماعية. كما أن تبادل الروابط الخاصة بالويب من خلال برامج وضع العلامات على الروابط الهامة يساعد في تعرف المتعلم على الآخرين من ذوي الاهتمام المماثل" (المركز القومي المصري للتعليم الإلكتروني ، 2008).

 وفيما يلي نتناول تعريف لهذه التقنية ومكوناتها وأنواعها واستخداماتها في التعليم.

المدونات (Blogs)
كانت البداية الفعلية للمدونات عام 1997م عندما قام John Barger بنحت الكلمة (Weblog) لترمز إلى صفحة إنترنت يقوم صاحبها بتسجيل يومياته فيها (Blood, 2004). ثم تحولت الكلمة بعد ذلك اختصارا إلى (Blogs) و اشتهرت ترجمتها بـ (مدونة). وقد ذاع صيت المدونات وانتشرت بسرعة بعد أحداث 11 سبتمبر (Ojala, 2004) وأيضاً إبان الحرب على العراق وذلك كوسيلة للعديد من الأشخاص المناوئين للحرب في الغرب للتعبير عن مواقفهم السياسية.

هذه التقنية لاقت الكثير من القبول والانتشار لدى مستخدمي الإنترنت، ففي إحصائية قريبة نشرها موقع [2]Technorati (المتخصص بمتابعة نمو وحركة المدونات على الإنترنت) في شهر أغسطس من عام 2008م بين فيها أن عدد المدونات على شبكة الإنترنت وصل إلى أكثر من 100 مليون مدونة.

1) تعريف المدونة
المدونة  عبارة عن "صفحة إنترنت ديناميكية تتغير زمنياً تباعاً حسب المواضيع المطروحة فيها، حيث تعرض المواضيع في بداية المدونة حسب تاريخ نشرها (حديثة النشر أولاً ثم التي تليها وهكذا). و الموضوعات التي يتناولها الناشرون في مدوناتهم تتراوح ما بين اليوميات، و الخواطر، والتعبير المسترسل عن الأفكار، و الإنتاج الأدبي، و الموضوعات المتخصصة في المجال التقني" (ويكيبيديا العربية، 2008).

2)  مكونات المدونة
تختلف مكونات المدونة من واحدة لأخرى (شكل 1) و بشكل عام تتفق جميعها بوجود العناصر الرئيسية التالية: عنوان رئيسي للمدونة (Blog Title) وموضوعات (Posts) مؤرخة ومؤقتة (Date/Time Stamp)  تبين متى تم نشر الموضوع، و تعليقات تضاف تراكميا (Comments)  وروابط ثابتة للموضوع (Permalink) لاستخدامها في مواقع أو مدونات أخرى وأرشيف للمواضيع (Archives) .كما تحتوي بعض المدونات على خدمة التعقيب (Trackback) لتتبع من قام بالكتابة عن أحد المواضيع المنشورة في المدونة و خدمة خلاصات المدونة (RSS feeds) ومحرك للبحث في المدونة وأيضا قائمة بمواقع مدونات (Blog rolls) ومواقع أخرى ينصح بها المدون.
شكل 1. صورة توضح اختلاف مكونات المدونات من واحدة لأخرى

3) خصائص المدونات
هناك خمس خصائص مشتركة للمدونات (Lindahl and Blount, 2003) جعلت منها التطبيق الأكثر ملائمة للاستخدام بالنسبة للمستخدم العادي وهي: فصل المحتوى عن طريقة العرض، و وجود القوالب الجاهزة، وسهولة إدارة المعلومات، و دعم خلاصات المدونة، وأخيراً دعم واجهات التطبيقات البرمجية (API) والتي يمكن دمجها مع البرامج المكتبية وتحرير المدونة باستخدامها كتلك الإضافة التي تقدمها خدمة Blogger لبرنامج الوورد.

4)استخدامات المدونات في العملية التعليمية
تعتبر المدونات من أدوات الاتصال المميزة مع الطلاب ويمكن استخدامها في العملية التعليمية بشكل فعال سواء للمدرس أو الطالب وذلك لتوصيل متطلبات وتعليمات الدروس للطلاب أو التواصل مع المدرس خارج إطار المقعد الدراسي.

هناك تجارب عدة ناجحة في استخدام المدونات في العملية التعليمية سواء على مستوى عالمي انظر (Al-Khalifa, 2008) أو محلي، سيكون تركيزنا هنا على ذكر بعض التجارب المحلية الناجحة. ففي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن قام أستاذ علم الإدارة بتوظيف المدونات الإلكترونية في مادة (مبادئ في علم الإدارة)[3] المدرسة لطلاب قسم الهندسة الكهربائية.
أما في جامعة الملك سعود، فتم استخدام المدونات لإدارة محتوى بعض المواد المدرسة في قسم تقنية المعلومات، التابعة لكلية علوم الحاسب والمعلومات ولفتح قنوات اتصال ونقاش مع الطالبات. وقد أظهرت نتائج استبيان وزع على الطالبات نهاية الفصل الدراسي عن مدى رضاهم من استخدام هذه التقنية في تفعيل التواصل مع أستاذات المادة (Al-Khalifa, 2008).

أما في التعليم العام فقد قامت إحدى المشرفات التربويات في تعليم ((الرياض)) بتفعيل المدونات في العمل الإشرافي حيث سعت إلى نقل المواد الدراسية والدورات التدريبية والتعاميم وملفات العروض التقديمية إلى مدونتها الخاصة على الشبكة العنكبوتية. وتحتوي مدونتها على كل ما من شأنه تطوير عمل المعلمة واطلاعها على آخر المستجدات في العالم بما يخدم مادتها (جريدة الرياض، 2008).

أنظمة إدارة التعلم الإلكتروني
يقصد بأنظمة إدارة التعلم الإلكتروني Learning Management systems (LMS)، بأنها الأنظمة التي تعمل كمساند و معزز للعملية التعليمية بحيث يضع المدرس المواد التعليمية من محاضرات و امتحانات و مصادر في موقع النظام كما أن هناك غرفاً للنقاش و حافظة لأعمال الطلبة (ePortfolios) و غيرها من الخدمات الإلكترونية المدعمة للمادة الدراسية. أي أن أنظمة إدارة التعلم هي برامج تساعد في تخزين محتوى المقررات الدراسية إلكترونياً وإدارتها كما أنها تسهل إدارة عملية التعلم.  ومن خصائص تلك البرامج ما يلي:
·       نشر وتقديم المقررات الدراسية.
·       إدارة سجلات الطلاب ومتابعة أنشطتهم.
·       إمكانية التواصل بين الطلاب والمدرسين عن طريق منتديات حوارية خاصة.
·       نشر الامتحانات وتقييمها.

كما يمكن النظر إلى هذه الأنظمة على أنها مجموعة من الأدوات (مثل المنتديات و الامتحانات وغيرها) والمعلومات (المحتوى التعليمي ومعلومات الطلبة وغيرها) التي توظف لخدمة سياق منهج دراسي محدد.

وفي الوقت الحاضر، هناك عدد كبير من برامج إدارة أنظمة التعلم تتجاوز  200 حزمة برمجية (إطميزي، 2006)، تأتي على نوعين، منها ما هو مجاني ومفتوح المصدر مثل برنامج مودل (Moodle) ومنها ما هو تجاري مثل برنامج بلاك بورد (Blackboard).

نظام جسور لإدارة التعلم الإلكتروني
يعتبر نظام جسور لإدارة التعلم الإلكتروني، أحد مشروعات المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، منظومة برمجية مسئولة عن إدارة العملية التعليمية الإلكترونية. ويقدم النظام مجموعة من الخدمات مثل: التسجيل والجدولة والتوصيل والتتبع و الاتصال والاختبارات.

ويستطيع المتعلم من خلال صفحته الخاصة الاطلاع على درجاته وواجباته، ويستطيع المعلم بناء الاختبارات الالكترونية عبر أنظمة إدارة التعلم وتقديمها للطلاب، وتخزين الدرجات آلياً في جداول خاصة، وغير ذلك من المميزات والخدمات المقدمة للمتعلم، والمعلم، والإدارة (المركز الوطني، 2009).


نظام جسور الذي تمت تجربته في هذا الورقة هي الإصدارة 1.5 المدعمة ببعض الخدمات الجديدة مثل الدمج مع خدمات قوقل للتطبيقات وتحسن في بعض الخدمات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق